31يوليو

الأزمة الجامعية… الكرة في ملعب الإدارة!

حلول لا بد منها: تعليم مشترك… استغلال منشآت «التربية»… تفعيل تمديد الدوام

مع تفجّر الأزمة الجامعية خلال الشهر المنصرم، بات لزاما على المهتمين بالشأن الجامعي والأكاديمي طرح الحلول المناسبة والمنطقية لحل الأزمة التي لاحت بوادرها منذ سنوات دون تحرك المسؤولين لحلها.

يعيش في الوهم من يعتقد أن حل مشكلة القبول الجامعي لهذا العام يعني أن الأزمة «عدّت بخير»، فهذه الأزمة ليست بسحابة صيف عابرة خاصة مع عدم التخطيط السليم لتخطيها.

فقد دقت أزمة القبول الجامعي أجراسها منذ سنوات عدة دون التفاتة من الأكاديميين، الذين اعتادوا ان تكون حلولهم ردة فعل لأي أزمة وقتية دون التفكير في المستقبل، أو المشرعين الذين أشغلتهم خطة التنمية وقصورها، ولم يلتفتوا إلى أهم عنصر في أي مشروع تنموي على مستوى أي دولة.

هذه الأزمة انفجرت بالونتها مع تخريج أول دفعة لنظام الثانوية الموحد الجديد الذي اضطرت الجامعة وقتها إلى قبول دفعة تاريخية في تاريخ الجامعة، ومع العام الثاني الذي تستقبل فيه الجامعة خريجي النظام الموحد، انصدمت الجامعة بواقع 11 ألف طالب يريدون الالتحاق بها، والواقع يقول إنه لا قدرة لجامعة الكويت، الحكومية الوحيدة، في ظل مجانية التعليم التي منحها الدستور للمواطنين، على استيعاب هذا الكم الهائل من الطلبة.

وهناك عدة حلول لتجاوز أزمة القبول الجامعية في الأعوام المقبلة، ولكن الأمر يتوقف على موافقة الإدارة الجامعية على أحدها، فالحل الآن في يد المسؤولين في الجامعة.

التعليم المشترك

إذا كانت أزمة القبول الجامعي مهمة للجميع، فمن المفترض ان نشارك في طرح الحلول «المنطقية» ومعالجة مواطن الخلل التي أصابت الجسد الأكاديمي في الآونة الأخيرة.

وأول مواطن الخلل، هو قانون منع التعليم المشترك الذي ارهق الجامعة أكاديميا وماليا، فضلا عن ان إقراره جاء مشوها لأنه أقر بعيدا عن أصحاب الشأن وهي الإدارة الجامعية.

المصيبة الأعظم من هذا القرار هو ما يقوم بعض الأكاديميين بما يسمونه تسييس الحرم الجامعي كلما فتح موضوع ما يسمونه مجازا بـ»الاختلاط»، والحقيقة تقول إن هؤلاء الأساتذة انتماؤهم الفكري معروف لمن، فضلا عن ان أصواتهم لم تنزعج من تسييس الجامعة عندما أقر القانون من السياسيين!

خلال سنوات عملي في الصحافة «الأكاديمية» إن صح التعبير، خالطت أكاديميين عدة من مشارب فكرية متعددة، تحدثوا عن «الجرائم» التي ارتكبها هذا القانون بحق الطلبة والأكاديميين، إلا انهم سرعان ما يتداركون أقوالهم بتنبيهي بأن ما يقولونه ليس للنشر! فأسارعهم بالرد بضرورة عدم «التحلطم» على القانون طالما انهم يهابون التحدث بمضاره.

إن المطالبة بإلغاء هذا القانون لا تأتي انتصارا للمؤيدين للتعليم المشترك، إنما تأتي من أصوات عقول تدرك أن إلغاءه يضاعف الطاقة الاستيعابية للجامعة، وبالتالي فتح باب القبول بشكل أكبر في الجامعة، على الأقل في السنوات المقبلة، وإلى حين الانتهاء من المدينة الجامعية في الشدادية.

جامعة أخرى

ولأن جامعة الكويت الحالية انشئت في ستينيات القرن الماضي، ومنذ ذاك الوقت لم يؤخذ في الحسبان الزيادة الكبيرة في اعداد السكان، بات لزاما على السلطات الكويتية تخصيص مدينة صباح السالم الجامعية كجامعة حكومية أخرى تكون موازية لجامعة الكويت الحالية التي يجب الإبقاء عليها.

هذه الجامعة الحكومية ستجد إقبالا أكاديميا كبيرا خاصة من أولئك الراغبين في الحصول على المناصب القيادية والإشرافية في الجامعة الحكومية الجديدة، مع ضرورة توفير نظام تعليمي جديد ينشأ بعد دراسة مستوفية من قبل متخصصين في الشأن الأكاديمي.

منشآت تربوية

بإمكان جامعة الكويت الاستفادة من منشآت وزارة التربية المنتشرة في أرجاء الكويت دون فائدة، ولعل أهمها كلية الحقوق سابقا في ميدان حولي، أو المدارس المتعددة التي لا تستفيد منها الوزارة في الوقت الحالي، فهذه المنشآت ستضيف طاقة استيعابية للجامعة، فضلا عن كلية البنات في العديلية التي تعد نسخة مطابقة لمبنى كلية الآداب في كيفان. فكلية الآداب تستوعب اليوم أكثر من 2800 طالب، بينما لا يدرس في كلية البنات إلا ما يقارب 600 طالب وطالبة، وهو أمر غير منطقي في وقت لا حاجة فيه إلى كلية البنات الآن، خاصة ان تخصصاتها، في الأغلب، لا تقتصر على فئة الإناث.

سوق العمل

بات لزاما على الجامعة اليوم التنسيق مع الجهات المعنية لمعرفة متطلبات سوق العمل، وذلك لتحديد احتياجات الأقسام العلمية من الطلبة خلال كل ثلاث سنوات على سبيل المثال.

هذا النهج تقوم به الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب بشكل فعال، لتحديد احتياجات سوق العمل من بين التخصصات المختلفة بشكل يمنع تكدسات الطلبة في التخصصات.

وهذا الأمر ينسحب كذلك على موضوع التخصصات النادرة، لأن مراجعتها بين فترة وأخرى بالتنسيق مع ديوان الخدمة على سبيل المثال أمر ضروري، والمنطق يقول إن ما كان تخصصا نادرا قبل خمس سنوات لحاجة سوق العمل إلى مخرجاته التعليمية، من الممكن أن تنتفي الحاجة الملحة إليه اليوم.

تعيينات وانتدابات

أما الملف الأهم فهو ضرورة مراجعة لوائح وشروط تعيين الأساتذة في الجامعة التي تعد من الأمور الصعبة، والتي تعقد تعيين أساتذة جدد ضمن الطاقم الأكاديمي لجامعة الكويت، فالجامعة تشترط ابتعاث الطالب من خلالها لتعيينه كأستاذ جامعي، اما ان لم يكن مبتعثا من الجامعة فعليه أن يكون حاصلا على شهادة البكالوريوس بدرجة «جيد جدا»، وإلا فلن يقبل.

بمعنى أن الطالب لو حصل على شهادة الماجستير والدكتوراه بامتياز، وحصل على شهادة البكالوريوس بتقدير جيد فهو غير صالح للتعيين! هذا فضلا عن أن التعيين لا يتم إلا عبر فيتامين «واو» أو «حب الخشوم».

كما على الجامعة زيادة عدد المنتدبين إلى حين مراجعة اللوائح الخاصة بالتعيينات لمواجهة المشكلة.

نصاب

في أي جامعة يكون أقل راتب لأستاذ جامعي ما يقارب الـ3000 دينار، بينما لا يتعدى نصاب الأستاذ في الأسبوع تسع ساعات دراسية، فهذا أمر غريب يوحي بشكل أو بآخر إما بتواطؤ الادارة الجامعية التي تقف خلف الجدار في مواجهة الأزمة دون تحرك لزيادة عدد الساعات الدراسية لكل أستاذ، أو بعدم اهتمام الأساتذة بمستقبل الطلبة ولو من باب التضحية.

أما عن المطالبة بزيادة المكافآت لتشجيع الأساتذة على طرح ساعات إضافية، فهذا أمر مضحك، فأستاذ جامعة الكويت يحصل على 2000 دينار عن الساعة الإضافية الأولى، و1000 دينار عن الساعة التالية، وهو أمر لا يدخل إلا في خانة «التدليع» المبالغ فيه، وساهم سكوت الإدارة الجامعية عن هذا الأمر في فقدان الإحساس بالمسؤولية لدى أعضاء هيئة التدريس.

دوام

مع إقرار الدوام الجامعي من الساعة الثامنة صباحا حتى الثامنة مساء، لم تقم عمادة القبول والتسجيل بأي تحرك تجاه تفعيل القرار، فهي تضع الجدول بيد الأقسام العلمية التي دائما ما يتخذ أساتذتها التدريس ما بين الساعة التاسعة صباحا والثانية ظهرا إلا القلة القليلة.

لذلك على العمادة إلزام الأقسام بتوزيع المقررات في أوقات الدوام الرسمي المقرر حتى الثامنة مساء، بدلا من قيام مسؤوليها بالمطالبة بزيادة المكافآت التشجيعية لحل الأزمة!

صلاحية

أخيرا، هذه الحلول ليست من وحي خيال الكاتب ولا هي تعجيزية، بل هي أمور منطقية إذا طبقت فسنجد فروقا واضحة في جامعة الكويت، أهمها زيادة الطاقة الاستيعابية التي تفجرت أزمتها خلال الشهر المنصرم.

ومن الأفضل أن تعطى لمدير الجامعة د. عبداللطيف البدر صلاحية أوسع في اتخاذ إجراءات تصحيحية، فخلال جلسة نقاشية مع البدر، تيقنت أن الرجل يريد تطبيق خطوات إصلاحية لكنه شبه مكبل اليدين، وأكاد أجزم بأن البدر يؤمن بتطبيق هذه الحلول، لكن مجلس الجامعة، الذي يضم كذلك غير المتخصصين في الشأن الأكاديمي، يكبل هذه الخطوات لسبب أو لآخر!

« جريدة الجريدة »

شارك التدوينة !

عن عماد العلي

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

جميع الحقوق محفوظة لــ عماد العلي © 2021