عدنان حسين: الاقتراع الأخير يشير إلى بداية وعي الشعب العراقي.
نظّم قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت ندوة «العراق ما بعد الانتخابات… استحقاقات وتحديات»، وحاضر فيها كل من أستاذ العلوم السياسية د. غانم النجار، والكاتب والمحلل العراقي عدنان حسين.
أكّد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.غانم النجار أن العراق سيعود لأن يلعب دوراً مهماً وبارزاً في الشرق الأوسط.
جاء ذلك خلال الندوة السياسية التي نظمّها قسم العلوم السياسية بعنوان «العراق ما بعد الانتخابات… استحقاقات وتحديات» بمشاركة د. غانم النجار، ومدير تحرير صحيفة أوان السابق والكاتب والمحلل العراقي عدنان حسين، وأدارها رئيس قســـم العــلــــوم السياسيــــة د. عبدالله الشايجي.
بدأ النجار حديثه في الندوة بالتأكيد على أن أهم التحديات التي تواجه الشرق الأوسط حالياً ما يحصل حالياً من تحوّل سياسي وثقافي للعراق، مستذكراً أن آخر انتخابات عاشها العراق كانت في عهد النظام البائد بحصول صدام حسين على 100% من الأصوات المشاركة في الانتخابات.
وأضاف النجار أن الانتخابات الحالية التي تشهدها العراق حملت العديد من المفاجآت، كسقوط وزير الداخلية العراقي الحالي جواد البولاني في الانتخابات وحاجته إلى ما يقارب السبعة آلاف صوت للنجاح، وكذلك سقوط وزير الدفاع، وسقوط الأكراد في الموصل، بينما انقسمت كركوك إلى ستة أعضاء لقائمة علاوي وستة للأكراد.
وأوضح أن الخطوة المقبلة بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات يوم غدٍ كما هو متوقع، يقوم رئيس الوزراء الحالي باستدعاء أعضاء البرلمان الجدد لتشكيل الحكومة القادمة، بينما من ينجح في تكوين ائتلافي برلماني داخل البرلمان سيكون له الدور الأساسي بتشكيل الحكومة التي سيعرضها على رئيس الوزراء، مع العلم أن الكتلة المؤتلفة يجب أن تضمن 136 مقعداً من مقاعد البرلمان، مذكراً في الوقت نفسه بأن مدة تشكيل الحكومة من الممكن أن تطول كما حصل بعد سقوط حكومة علاوي في 2005.
وقال النجار إن العراقيين دائماً ما كانوا يعتقدون داخل أنفسهم بأن الانتخابات السابقة مزوّرة خاصة بعد أن مروا في خمس تجارب انتخابية خلال خمس سنوات فقط، على خلاف ايمان الناس حالياً بالانتخابات ولكم على سبيل المثال ما ذكرته بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق «يونامي» كمثال على وجود 675 مراقباً دولياً، وأكثر من 111 ألف مراقب عربي، و400 مندوب للأحزاب، وأكثر من 300 ألف مندوب للمفوضية العليا للانتخابات.
تحديات اقتصادية
وفيما يخص التحديات الاقتصادية للعراق، أكّد النجار أن التحديات كبيرة جداً، والسؤال الأهم هو «هل سيصبح العراق قوة نفطية؟»، مضيفاً أن العراق يخطط حالياً لأن ينتج 12 مليون برميل للنفط بشكل مقارب لانتاج المملكة العربية السعودية، وهو ما يعد تهديداً حقيقياً للسعودية وايران، وفيما إذا كان العراق سيصل لهذا الكم من الانتاج شكك النجار في هذا الأمر متوقعاً أن تصل إلى 8 ملايين كحد أقصى ليبقى التساؤل الأهم في ما الذي سيحصل على المستوى المحلي والدولي في حال زيادة العراق لانتجاها اليومي.

وعن حقيقة انسحاب القوات الأميركية من العراق، قال النجار إن اتفاقية صوفا حددت العلاقة بين القوات الأميركية والعراق بالإضافة إلى الإعلان الأميركي بالانسحاب من العراق نهاية شهر أغسطس المقبل، موضحاً أنه لا يوجد أي موقف رسمي للحكومة الأميركية فيما يخص الانسحاب سوى تصريح الرئيس الأميركي باراك اوباما أثناء ترشحه للانتخابات الرئاسية، مضيفاً «من المتوقع انخفاض عدد القوات الأميركية بعد الانتخابات، بالإضافة إلى وجود خمس قواعد عسكرية من المفترض أن يبدأ تفكيكها من الآن للانسحاب الأميركي».
وأكّد النجار في ما يخص دور العراق بعد الانتخابات، أن العراق سيعود لأن يلعب دور أهم اللاعبين في الشرق الأوسط خاصة أن زيادة انتاجه النفطي ستتيح له سيولة للتسلح مثلاً ووقتها سيكون هناك عدد من السيناريوهات كأن يشكل تهديداً حقيقياً للكويت، أو أن يكون تحت المنظومة الأميركية والبريطانية حتى يكون الموازن الحقيقي في الخليج، مضيفاً أن التحولات التي يشهدها العراق يجب أن تُدرس جيداً، خاصة إنني أؤيد عودة العلاقات الرسمية بين الكويت والعراق، فهي جار لنا والجغرافيا لا تتغير ويجب أن نتعامل معها بواقعية.
وعن تأثير العراق الجديد على دول الخليج، أوضح النجار وجود تأثير بشكل مؤكد، «كأن تصبح نموذجاً لدول المنطقة، كمثال أؤيد شخصياً مفوضية عليا للانتخابات كهيئة مستقلة في الكويت كما هي الحال في العراق، بينما هناك تأثيرات سلبية ممكن أن تنتقل كالاصطفاف الطائفي».
تداول السلطة
ومن جانبه، أكّد الكاتب والمحلل السياسي عدنان حسين أن هذه الانتخابات العراقية هي الممارسة الانتخابية الخامسة التي يشهدها العراق، مبيناً أنها بدأت من 2005 بانتخابات الجمعية الوطنية والاستفتاء على دستورها، مضيفاً أن مشكلة العراق الحقيقية كانت تكمن في تداول السلطة بشكل دائماً بالانقلابات.
وحلّل حسين الوضع القائم العراقي بشكل سريع، ابتداءً من دخول القوات الأميركية بمعية قوات التحالف في 2003 لاسقاط النظام البائد الذي أمسك على رقاب العراقيين زمناً طويلاً، وعندما أزيح النظام تولى السلطة حاكم مدني أميركي، الذي نقل بدوره السلطة إلى مجموعة شكلت مجلس الحكم.
وأوضح حسين أنه بعد سقوط النظام البعثي، كانت النيّة لبناء دولة حديثة وكانت المشكلة تكمن في عدم وجود رجال دولة لتولي المهمة باستثناء عدنان الباججي وعقيلة الهاشم آنذاك، مضيفاً أن المشكلة الأخرى تكمن في المعلومات الخاطئة التي وصلت إلى الأميركان بأن تركيبات العراق ثلاثية مكونة من الشيعة والسنة والأكراد والحقيقة تكمن في أن العراق ليس بلداً طائفياً وقبلياً فهو يملك إرثاً حضارياً سياسياً نشيطاً.
وقال حسين «أن هذه البيئة أطلقت العنان لصراع طائفي قوي، وله من يؤيده من خارج العراق، فالشيعة من ايران والسنة من السعودية والأردن وإن لم يكن التأثير واضحاً من الحكومات فإنه سيأتي من مؤسسات نافذة داخل البلاد»، مؤكداً أن «الانتخابات الأخيرة تشير إلى بداية وعي الشعب العراقي وينبغى الخروج منها بنتائج ايجابية لإيجاد العراق الذي نبتغيه جميعاً».
ولفت إلى أن «المفرح حالياً هو إمكان قيام حكومة تستطيع استثمار العراق بشكل سليم لتحقيق الرخاء للشعب العراقي»، مؤكداً أن «التراث العلماني الليبرالي المتأصل في الشعب العراقي أحد أسباب تراجع شعبية الأحزاب الإسلامية، لا سيّما أن علاوي لم يحصل على أصوات الليبرالين فقط، بل أعطاه البعثيون أصواتهم انتقاماً للسلطة السيئة للمالكي خاصة في ما يخص موضوع اجتثاث حزب البعث الذي طبقته حكومة المالكي، فاعتبروا ملاذهم الآمن قائمة علاوي».
وقال «بما أن لا علاوي ولا المالكي استطاع الحصول على 50% زائد 1 فهما مضطران إلى إقامة التحالفات البرلمانية لتشكيل الحكومة المقبلة، والمشكلة تكمن في عدم رغبة المالكي في التنازل فهو يعتقد أن حكومته حققت انجازات وتحتاج إلى وقت أكثر لتحقيق المزيد»، مضيفاً أنه لا يملك أدنى شك، في أن الانتخابات التي تلي هذه الانتخابات ستشكل للعراق الشكل الذي أريد ويريده غيري، وأطمئن الجميع بأن التطورات الراهنة في العراق هي لصالح الكويت، والقضية تكمن في محاولة البعض استثمار هذه المشكلة سواء في الكويت أو العراق من أجل الأصوات».
« جريدة الجريدة »