أرشيف شهر: فبراير 2013

9فبراير

نحن مذنبون أيضاً

بعد خمسين عاماً من الممارسة الديمقراطية في الكويت وبقائها جامدة عند حد التصويت في الانتخابات البرلمانية فقط، دون وجود أحزاب سياسية حقيقية أو محاسبة فعلية للحكومات ورؤسائها المتعاقبين، بات واضحاً أن الحراك الشبابي الأخير كان أمراً محتوماً من أجل الدفع بالديمقراطية التي توفيت منذ ولادتها في الستينيات، خاصة أن التجربة الكويتية أثبتت أن الممارسة وحدها وإن طال الزمن غير كفيلة بصهر المجتمع داخل البوتقة المدنية.

الآن ومع صدور أحكام بالسجن على مجموعة من النواب السابقين بتهمة الإساءة إلى الذات الأميرية، أعتقد أن حالة الحراك ستختلف شكلاً ونوعاً، مما سيصعد من الحالة المعقدة التي تعيشها الكويت منذ سنوات دون أي بوادر لانفراج الأزمة كما يبدو، لتخرج لنا دعوات مجهولة عن الرغبة في حوار وطني بين المعارضة والسلطة، وهو الواقع الصعب الذي يرفض أطراف عدة فيه التنازل.

نحن اليوم بحاجة إلى جلسة حوار مع النفس قبل الحوار مع الآخر، حوار نضع فيه الخطوط العريضة تحت أخطائنا جميعاً والتي وصلت بنا إلى هذه المرحلة، فمن الظلم أن نحمل جميع أخطاء الدولة على طرف واحد.

ليجرب أولا نواب كتلة الأغلبية في المجلس المبطل أن يسألوا أنفسهم عما ارتكبوه بحق الديمقراطية التي يطالبون بها، فلا الفرعيات ولا الزيادات المالية غير المدروسة ولا الإضرابات العمالية العشوائية و”الواسطات” في الوزارات وقوانين الإعدام، وترك قضية استقلالية القضاء في الأدراج تدلّ على أن هذه الفئة فعلا جادة في رغبتها في الوصول إلى الديمقراطية.

أما نحن الشباب، فلنسأل أنفسنا عن نوعيات النواب الذين نضع أصواتنا في خانات أسمائهم بورقات الاقتراع، ولنستدرك حجم الإنتاج الضعيف داخل الوزارات، لنبحث عن أسباب السماح بانتشار الطائفية والعنصرية والقبلية بين صفوفنا، ماذا قدمنا للبلد؟ وكم شخصاً فينا استغل “واسطة” يوما من الأيام لتمرير أمر ما؟ والناجحون في الفرعيات… كيف نجحوا أصلاً دون أصواتنا؟ دعونا نبحث عن مسطرتنا التي ضاعت في التقييم، كيف لشخص أن يغضب لتصرف معصومة المبارك وصفاء الهاشم في فرحتهما بالحكم ضد النواب كما نشرتها إحدى الصحف وفي نفس الوقت يصفق طرباً لأن السعدون وصف آخر بالخبل؟! وكم مسطرة نملك يا شباب؟!

أما حكوماتنا المتعاقبة، فيكيفها أن تحاور نفسها وتسأل “لماذا لم يعد أحد يثق بها؟” وبقية الأسئلة ستُفتح على مصراعيها أمام باب مجلس الوزراء من تلقاء نفسها.

يقول مالكوم إكس “على الوطنية ألا تغمض أعيننا عن رؤية الحقيقة، فالخطأ خطأ بغض النظر عمن يفعله أو يقوله”، هذه المقولة هي بالضبط ما نحتاجه اليوم، لنحاسب أنفسنا بأنفسنا أولا وقبل أي شيء آخر، فديمقراطيتنا لم تمت بسبب طرف دون آخر… جميعنا مذنبون بشكل أو بآخر!

عامود:

لا يوجد أفسد من محاولة جر “القبيلة” للصراع مع الدولة، هذا وللأسف ما حاول أحدهم أن يقوم به في تجمع الفنطاس الأخير.. وتحت أنظار وتصفيق الشباب!

« جريدة الجريدة »

2فبراير

ماذا قدمتم للكرامة؟

ما هي “كرامة وطن” التي نبحث عنها؟ وهل نحققها في المسيرات المسائية داخل المناطق السكنية؟ ومن يتزعم حراك “الكرامة”؟ نواب الأغلبية في المجلس المبطل أم الشباب… إلخ؟ هذا جزء من الأسئلة التي أواجهها في المنزل، والعمل، والديوانية وفي حياتي منذ أن أعلنت مقاطعتي للانتخابات السابقة إلى يومنا هذا.

لست بصدد الإجابة عن هذه الأسئلة أو إعادة توضيح الأمور، فقد انتهت هذه المرحلة بالنسبة إلي، بل ما سأقوله هو ما اختلج في النفس منذ أيام، منذ أن بدأ الحراك ينحى منحىً آخر وصورة مغايرة لما كان عليه، منذ بدأ نواب أغلبية المجلس المبطل يبسطون أياديهم السوداء على هذا الحراك.

أثق بشباب الحراك ثقة عمياء، لكن ليسحموا لي أن أنبههم بأن سيطرة نواب الفساد والإفساد باتت أكبر من كلمتهم داخل التجمعات السياسية، والشباب غير قادرين أساساً على صد نفوذهم وتجييرهم لنوايا الشباب الطيبة لهم، فهذا نائب يعلن مرّة ترخيص المسيرة باسمه، ومرة يعلن تجمعا آخر ضد تجمع صالح الملا في نفس المكان! وهذا آخر يصل إلى مقدمة أي مسيرة ليأخذ “الميكرفون” ويبدأ ثرثراته… نقاط عديدة واضحة للعيان تؤكد أن الحراك أصبح مجيّراً لنواب الكذب لا للشباب المخلص.

وبما أني بت متيقناً من هذا الأمر- عن قناعة شخصية- فالواجب أن أسأل النواب القافزين على حراك الشباب، ماذا قدمتم للكرامة حتى تطالبوا بها؟ وكيف لكم أن تفصلوا بين “كرامة” الإنسان الواحد قبل أن تطالبوا بكرامة وطن كامل؟! من الأجدر والأجدى أن تنصفوا كرامة المواطنين لأنها متى ما تحققت فستتحقق كرامة الأوطان!

لا أفهم كيف لنواب قسموا المجتمع إلى أسود السنّة وأذناب إيران بأن يطالبوا بكرامة وطن؟! أو كيف لنواب هددوا بهدم الكنائس وإقرار قوانين الإعدام ومقترح بشرطة للنيابة وعززوا من ثقافة المنع على الكتب والفضائيات التي تخالفهم بأن يطالبوا بكرامة وطن الآن؟! كيف لمن نسي أو تناسى المساجين مثل المرحوم أحمد البغدادي والمفرج عنه أخيراً المغرد ناصر الأنصاري أن يطالب بالكرامة واحترام حرية الرأي؟! كرامة المواطن تأتي باحترام حقوق الإنسان المقرة في المواثيق الدولية لا بالحقوق التي تعجبهم فقط.

نواب الكرامة بالنسبة إلي مثل المنادين بالاشتراكية، مبادئ على ورق ودندنة عن الحقوق، ومتى ما استطاعوا لتحقيق هذه الحقوق سبيلا رموها خلف قضبان السجون وداسوا على “الكرامات”، فلا أروع من تصريحات النواب ضد من خرج في مصر على مرسي الأسبوع المنصرم إلا خير مثال بأن ما يطالبون به هنا لمصلحتهم يرفضونه هناك لمصلحتهم أيضاً.

أقول للشباب إن الكرامة موجودة في أنفسكم وهو ما لا أشك فيه، تخلصوا من نواب الفساد والإفساد ونظفوا الحراك مادام أن في الوقت متسعاً لهذا، كما أن من هم أحوج منّا إلى الكرامة هم “البدون” يجب ألا يسقطوا من الحراك.

عامود:

العدد الكبير الذي وجد في محاكمة مسلم البراك بداية الأسبوع الماضي، كان من الأفضل لو يوجد في محاكمة كل من راشد العنزي وعياد الحربي وعبدالحكيم الفضلي ومحمد العجمي “أبو عسم”، فأصحاب المبادئ الحقيقية هم الأحق بالمؤازرة.

« جريدة الجريدة »

جميع الحقوق محفوظة لــ عماد العلي © 2021