«لنتعامل معها بعقلانية… والحل تقديم برنامج توعوي متكامل للمواطنين».
أجمع طلبة جامعة الكويت على معارضتهم للفرعيات التي جرّمها المشرع الكويتي، وعلى الرغم من اختلافهم في تأييد وزارة الداخلية للحد من الفرعيات فإنهم شدوا على أيدي القيادات الأمنية لكي تحاول بشتى الطرق الحد من هذه الممارسات التي تنهش جسد الديموقراطية الكويتية وتلوث صورتها أمام الآخرين.
منذ إعلان سمو الأمير حل المجلس ينتظر الشعب الكويتي الصورة النهائية للمجلس المقبل في ظل الدوائر الخمس، خصوصاً في ظل ما أعلنته وزارة الداخلية عن عزمها وبشكل جدي مواجهة ما يسيء إلى الصورة الديموقراطية في الكويت وتفعيل بعض القوانين التي أقرت خلال دورات المجالس السابقة، كقانون تجريم الفرعيات وشراء الذمم وغير ذلك من القوانين التي أقرت لتجميل الصورة الديموقراطية التي تلوثت ببعض الممارسات السلبية، وما إن بدأت «الداخلية» فعلاً محاولات وقف الفرعيات واستخدامها أسلوب المداهمات والتهديد المباشر لمنظمي الفرعيات، حتى بدأت ردود الفعل تظهر بشكل متباين ما بين مؤيد لأسلوب الوزارة ومعارض له.
«الجريدة» التقت طلبة الجامعة لمعرفة آراءهم عن الفرعيات وبالأخص «الأسلوب» الذي انتهجته الداخلية لوقف هذه الممارسات من خلال التحقيق التالي:
التعقل مطلوب
عارضت أنفال آل هيد الفرعيات لأنها تعتبر خروجاً على نظام الدولة وظُلماً لباقي المرشحين، كما أنها تُعّد تكريساً للقبلية في المجتمع وفي الجسد البرلماني، كونها تشجع البعض لتقديم الطاعة لسلطات القبيلة بدلاً من سلطات الدولة، مضيفة «أؤيد ما تقوم به وزارة الداخلية من محاربة للفرعيات، لكن أفضل أن يكون هناك بعض من التعقل من قياداتها، خصوصاً لو علمنا أن الحكومة قد ساعدت نوعاً ما في تشجيع الفرعيات من خلال نظام الدوائر الـ25 سابقاً الذي سهّل إجراء مثل هذه الانتخابات، والأهم من ذلك عدم تجريم الحكومة للفرعيات منذ البداية»، ونفت أنفال أن يكون باستطاعة الحكومة إيقاف الفرعيات بشكل نهائي «لأنها فكرة تغلغلت في المجتمع، والطريق الأمثل لحل هذه المعضلة هو نشر التوعية الوطنية اللازمة، وتشديد العقوبات على المرشحين المشتركين في الفرعيات دون التعسف في استخدام السلطة».
وجهاء القبائل
ومن جهته، قال محمد عدنان عبدالصمد إنه يعارض إقامة الفرعيات معارضة تامة، لأنها تمنع العديد من الكفاءات من الترشح لخسارتهم أصوات القبيلة، «فعلينا جميعاً الانضواء تحت لواء الدستور ومعارضة هذا الأمر امتثالاً لدستورنا»، وبيّن أن وزارة الداخلية «تحاول أن تصلح الخطأ بالخطأ وخصوصاً أننا نمر بمرحلة حرجة إقليمية تنتشر فيها رائحة الطائفية النتنة»، لذلك رأى أن «على الحكومة التي كان لها دور في دعم بعض المرشحين سواء بالمال السياسي أو بالفرعيات، محاولة إيقاف هذا الأمر بالعقل وليس بالبطش، ولعل الحل يكمن في مخاطبة الوجهاء من كبار القبائل المنظمة لهذه الفرعيات، وليثقوا تماماً أنهم سيخرجون بحل سريع مع الوجهاء لأنهم أبناء هذا البلد المعطاء».
واتفق يوسف الفهيد مع ما ذكره سابقه بأن الفرعيات لا تعطي الأحقية لوصول الأكفأ للمجلس، بما أن مخرجات الفرعيات دائماً تكون مبنية على العلاقات الشخصية بين مقيميها دون النظر إلى اعتبارات أخرى، وطالب الحكومة بالتروي والتعقل في حل هذه القضية، فالمداهمات و«الكبسات» وإصدار قوانين ضرورة كقانون منع التجمعات الذي تم سحبه لمعارضته روح الدستور لا تقدم ولا تؤخر في هذا الموضوع بل تؤججه وتضعه على صفيح ساخن.
دولة مؤسسات
وسارت آمنه المطيري على النهج نفسه الذي سلكه زملاؤها السابقون إذ عارضت الفرعيات «لأنها تقوم على الفزعة القبلية وليس على الكفاءة أو الخبرة السياسية»، مثمنة جهود وزارة الداخلية في ما تقوم به من محاولات لوقف الفرعيات، لكنها تمنت لو كانت هذه المحاولات قبل إقامة الفرعيات وليس أثناء إقامتها، مشككة في قدرة الحكومة على إيقاف تنظيم الفرعيات بشكل نهائي، وتساءلت «متى بدأت الحكومة أمراً معيناً واستمرت فيه؟! وسينحسب ذلك على هذه القضية».

وكذلك أكد بدر العتيبي أن الفرعيات مجرمة قانونياً «فإن عارضناها أو وقفنا معها فعلينا احترام القانون لأننا في دولة مؤسسات وقانون»، مطالباً الجميع كذلك بالامتثال للقوانين والاحتماء بالدستور وعدم خرقه بأي شكل من الأشكال، بما فيهم وزارة الداخلية التي تستخدم أسلوباً متعسفاً شديد الخطورة دخيلاً على بلدنا الحبيب، وعليها تطبيق القانون بنفس الأسلوب الذي انتهجته مع شراء الأصوات»، مطالباً وزارة الداخلية «بنشر التوعية الوطنية كبديل أمثل للمداهمات العسكرية التي تنشر الذعر والفتنة الطائفية بين صفوف الشعب الكويتي».
الولاء للوطن
ومن جانبه، أكّد يوسف الديحاني معارضته للفرعيات «لأنها تهدف إلى اختيار شخص على أساس قبلي، فالمرشح في هذه الحالة سيكون همه تمثيل القبيلة في البرلمان وليس تمثيل الوطن والسعي إلى مصلحته»، واستنكر ممارسات الداخلية التي وصفها بـ«البوليسية» للحد من الفرعيات «مع أنها كانت الداعم الحقيقي للفرعيات في وقت من الأوقات»، مطالباً الحكومة ووزارة الداخلية «بالأخص بإزالة الصورة السوداء التي غطت على الوزارة باتخاذ الحلول المثلى للمشكلة، كالاتفاق مع شيوخ القبائل والبدء بحملة وطنية ينشر من خلالها الوعي اللازم لدى المواطنين بخطأ هذا المسلك».
وهي وجهة النظر نفسها التي عبّرت عنها مريم الثنيان التي عارضت الفرعيات «لأنها لا تضع مصلحة البلد أمام مصلحة القبيلة، متفقه في الوقت ذاته مع ما تقوم به وزارة الداخلية من مداهمات وعمليات أشبه بالعمليات العسكرية لوقف الفرعيات، مؤكده أن «الحكومة تستطيع إيقاف الفرعيات بشكل نهائي ولكنها تحتاج إلى وقت أطول فمثل هذه المشاكل لا تحل بين ليله وضحاها»، مضيفه أنها تتمنى «حبس منظمي الفرعيات بشكل جدي وزيادة الغرامة المالية على المشاركين في هذه الجريمة بحق الوطن».
عين العقل
أما مريم الصحاف فقد عارضت الفرعيات كحال معظم الشعب الكويتي الواعي الذي تهمه مصلحة البلد أولاً وأخيراً، لأنها «لا تضمن إيصال الأكفأ للمجلس باعتبار أنها تقوم على أسس قبلية وعلاقات شخصية بعيدة عن أي معيار موضوعي»، مضيفة أن «ما تقوم به وزارة الداخلية هو عين العقل لأنها حذرت منذ البداية بأنها ستواجه الفرعيات بشدة، وستعاقب كل من يشارك في تنظيم أو إقامة الفرعيات»، واقترحت الصحاف بعض الحلول الناجحة للحد من انتشار ظاهرة الفرعيات «كالتوعية بضرورة تقديم مصلحة الكويت على أي شيء آخر، وتطبيق الحكومة للقانون على الجميع حتى لا تواجه نقداً لا تستحقه من جراء ما تقوم به لحماية البلد»، وهو ما وافقتها عليه مريم أحمد إذ أيدت ما تقوم به وزارة الداخلية بمحاولات لوقف الفرعيات، لأنها «تعرض القانون وتضر بمصلحة البلد»، رغم إيمانها بأن الحكومة كانت اللاعب الرئيسي في انتشار الفرعيات سابقاً، مشككة في الوقت ذاته في قدرة الحكومة على الحد من الفرعيات، لذلك «عليها بالحرص على تطبيق القانون بلا تهاون».
حق للقبيلة
أما عبدالعزيز الشايجي فقد عارض آراء زملائه بموافقته على إقامة الفرعيات لأنها «حق شرعي للقبيلة، ولا يحق لأي أحد أياً كان التدخل في تلك الأمور، فإقامة الفرعيات تزيد من التآخي بين أبناء القبيلة الواحدة»، واصفاً ما تقوم به وزارة الداخلية لوقف الفرعيات بـ«العيب» لأننا «أصبحنا أضحوكة للدول المجاورة»، مؤكداً على أن الحكومة «لا تستطيع ولن تستطيع إيقاف الفرعيات، فالقبائل ستستمر في تنظيمها»، مطالباً الحكومة بـ «الالتفات إلى خدمة الشعب بدلاً مما تقوم به من تأجيج للمشاكل الطائفية والقبلية».
« جريدة الجريدة »